دور القضاء في تشجيع الاستثمار (المملكة العربية السعودية نموذجا)

1 حسان المؤنس

قسم القانون العام - كلية الحقوق - جامعة الملك فيصل (المملكة العربية السعودية)

الملخص

يعتبر الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني لدولة ما، من العوامل الهامة التي تشجع على الاستثمار فيها، بالإضافة إلى عوامل أخرى كتوفر البنية التحتية واللوجستية الملائمة، والكفاءات الوظيفية، والامتيازات الجبائية والضريبية وغيرها. كما يشكل الجانب القضائي أيضا أحد العوامل التي يأخذها المستثمر بعين الاعتبار، حيث ينتظر من النظام القضائي للدولة التي يستثمر فيها أن يكون منصفا تجاهه وأن يضمن له حقوقه في صورة التعدي عليها من أي جهة كانت. فالعدل أساس العمران، كما قال العلامة ابن خلدون منذ قرون. فإذا كان الاستثمار عنوانا للازدهار الاقتصادي والرخاء الاجتماعي للدول ومقياسا تتنافس فيه فيما بينها لجلبه والمحافظة عليه وتطويره، يتأكد دور العدل ونظام العدالة في تحقيق الازدهار والرخاء للمجموعة العامة عبر تنقية مناخ الاستثمار من الفساد وتحقيق تكافؤ الفرص الاستثمارية والدفاع عن حقوق المستثمرين وأموالهم. ونظرا لأهمية الاستثمار اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، فقد حرصت رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030 على توفير الآليات القانونية والقضائية الكفيلة بتشجيعه وتطويره، وذلك عبر تحديث المنظومة القانونية للاستثمارات وإعادة النظر في اختصاصات الجهات القضائية المتعلقة به حرصا على تفعيل دور القضاء في تشجيع الاستثمار. وهذا المقترح البحثي حول "دور القضاء في تشجيع الاستثمار" يسعى إلى دراسة تحليلية قانونية لعلاقة القضاء السعودي بالاستثمار ومدى توفق التعديلات الأخيرة للأنظمة القضائية في دعم دوره في تشجيع الاستثمار باعتباره أحد ركائز رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وذلك عبر منهجية وصفية تحليلية ونقدية، وبالتركيز على ثلاث مسائل: تستعرض المسألة الأولى ضمانات التقاضي التي سعت المملكة العربية السعودية إلى توفيرها للمستثمر والتي تتلخص في الحق في اللجوء إلى القضاء، مع ضمان السهولة والمساواة، وتحقيق استقلالية القضاء وتخصيص جهات قضائية خاصة بمنازعات الاستثمار. وتتطرق المسألة الثانية إلى الضمانات التي يوفرها القاضي من خلال الأحكام التي يصدرها باستناده إلى قوانين مدونة وواضحة وتبني أحدث النظريات الفقهية والقضائية المقارنة وكذلك إمكانية مراقبة الأحكام عبر تحديد طرق وإجراءات الاعتراض عليها. أما المسألة الثالثة، فهي تثير أبرز الإشكاليات والتحديات التي تعترض المستثمر أمام القضاء السعودي والتي تتعلق أساسا بتعدد جهات التقاضي المتعلقة بمنازعات الاستثمار وما يترتب عليه من إمكانية تضارب الأحكام، وبطء الإجراءات القضائية، وأخيرا الصعوبة التي تعترض تنفيذ بعض الأحكام القضائية. وفي ختام هذا البحث، سيسعى الباحث إلى تقييم مدى فاعلية التطورات القانونية والقضائية الحديثة المتعلقة بفض المنازعات الاستثمارية في المملكة العربية السعودية، وتقديم مجموعة من المقترحات والتوصيات لرفع كفاءة القضاء ودعم دوره في تشجيع الاستثمار.

الكلمات الدالة

"تشجيع الاستثمار"، "النظام القضائي"، "المملكة العربية السعودية"، "منازعات الاستثمار"