دور القضاء التجاري في تشجيع الاستثمار

كريم الصبونجي

القانون - كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات - جامعة الحسن الأول المغرب

الملخص

يعتبر الاستثمار دعامة أساسية للتنمية، لكونه يشكل إضافة إلى الطاقة الإنتاجية، الزيادة في الثروات لما لذلك من أثر في إشباع الحاجات وتوفير الخدمات، كما أنه يحتاج إلى مناخ يجلبه، ولاشك أن تحقيق الأمن القضائي يساهم إيجابيا في ذلك، فالمستثمر - سواء كان وطنيا أو أجنبيا - ومهما كانت المبادرات التشجيعية المنصوص عليها في التشريعات والأنظمة ، فإنه لا يغامر إلا إذا تحقق من وجود قضاء مستقل وفعال يترجم النصوص بما يحقق العدل والمساواة . إن القضاء التجاري أصبح أكثر من أي وقت مضى مطالبا بالانفتاح على محيطه الخارجي والاطلاع على تجارب قضائية أخرى، رغبة في تطوير واستيعاب ميكانيزمات العمل التجاري حتى يصبح قادرا على إيجاد الحلول المناسبة لما قد يعرض عليه من منازعات تجارية تهم مجال الاستثمار ومن تم يكون فاعلا أساسيا في خلق مناخ سليم يسوده الاطمئنان والثقة والاستقرار ويشكل دعامة قوية لعملية التنمية وتشجيع الاستثمار، وحتى يقوم القضاء التجاري المتخصص بالدور المنوط به لاسيما في التحفيز على الاستثمار والمساهمة في خلق النشاطات الاقتصادية عليه أن يضمن أمن المستثمرين ويصون حقوقهم في ظل سيادة القانون و استقلال القضاء، سواء كانوا وطنين أو أجانب، إذ لا استثمار بدون ضمانات قضائية واضحة فلا يمكن لأي دولة أن تفتح أبوابها للاستثمار الأجنبي، إذ الم يكن ذلك المال الأجنبي عارفا أنه في مأمن من الشطط أو سوء الفهم، فالقضاء أصبح أمرا ضروريا للنماء . إن التحديات التي يتعين على القاضي التجاري أن يأخذها بعين الاعتبار هو ضرورة انفتاحه على المحيط الخارجي وعدم الاكتفاء بالتكوين القانوني وإنها الاهتمام بمسائل الاقتصاد والمحاسبة والشؤون المالية والتجارة الدولية والإعلاميات وبالتالي فإنه لا يمكن لهذا القاضي أن يقوم بذلك إلا بتمكينه من جميع الوسائل العلمية والتكنولوجيا في مجال الاتصال قصد البحث في القانون الأجنبي والاجتهاد القضائي المقارن لمسايرة التطورات والاتفاقيات الدولية حتى يلعب القضاء دورا مهما في بلورة اجتهاد قضائي وطني مستقل وإيجاد حلول عملية وواقعية بدلا من التشبث بحرفية النص. إن من أهم الضمانات القانونية لحماية الاستثمار الأجنبي والوطني، هو توفير قضاء متخصص وسريع لحل المنازعات المرتبطة بالاستثمار. وعلى هذا الأساس، سنتطرق إلى دور المحاكم التجارية في قضايا الاستثمار ومجالات اختصاصها وكذا دور المحكمة العليا من خلال الغرفة التجارية في توحيد الاجتهاد القضائي المتعلق بقضايا الاستثمار. وذلك عن طريق :  توحيد العمل القضائي والحد من تضاربه من أجل تحقيق الأمن القضائي في مجال الاستثمار؛  جعل العدالة أهم مفتاح لتحسين مناخ الاستثمار، وتشجيع المبادرة الحرة وحماية المقاولة؛  تطوير الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها من خلال مقاربة شمولية مندمجة تتعامل مع الاستثمار في مختلف جوانبه المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية والضريبية والجمركية وتستحضر الأبعاد الدولية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات.  تأهيل عناصر السلطة القضائية، وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها بإرساء مقومات المحكمة الرقمية، وتحديث خدماتها، وتيسير انفتاحها على محيطها، والرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم ومؤهلاتها؛  إرساء قضاء مستقل كفء منفتح وقائم بذاته من خلال دعم استقلال السلطة القضائية؛  تأسيس اجتهاد قضائي مبني على المبادئ الناظمة للأمن القضائي بما يحقق الثقة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين؛  تعزيز الثقة في العدالة الوطنية من خلال العمل على حسن تدبير الزمن القضائي وتصريف الملفات بطريقة فعالة؛  ضمان استقلال السلطة القضائية بما يحقق ثقة المستثمرين في القضاء باعتباره الحصن المنيع لدولة القانون والمؤسسات والرافعة الأساسية للتنمية؛  إحداث المزيد من المحاكم المتخصصة في قضايا التجارة والاستثمار والعمل على تجاوز الإكراهات المرتبطة بصعوبة ولوج المقاولات الصغرى إلى القضاء المتخصص بسبب البعد الجغرافي أو تعقيد المساطر القضائية؛  تأهيل قضاة متخصصين في قضايا التجارة والاستثمار، وإحداث مسالك دراسية في المجالات المرتبطة بقانون الأعمال؛  تعزيز قدرات المتدخلين في منظومة العدالة والرفع من مستوياتهم المعرفية عبر دورات تكوينية، وذلك ضمن رؤية استباقية تضمن الاطلاع الدقيق والمستمر على كل المستجدات في مجالات ذات البعد الاقتصادي والتجاري والمحاسباتي والشؤون المالية والتجارة الدولية؛  تطوير مساطر التبليغ والتنفيذ وتبسيطها بشكل يمكن من حسن تدبير الزمن القضائي للبت في القضايا التجارية وذلك عبر تعديل القوانين ذات الصلة بالموضوع، يراعي من جهة الدينامية المتسارعة للاستثمار من جهة ثانية أنجع التجارب القانونية الدولية في هذا المجال؛  اعتماد الآليات والسبل الكفيلة بتوحيد الاجتهاد القضائي والحد من تضاربه وذلك عبر تطوير قواعد بيانات قرارات المحاكم العليا، تمكن القضاة وباقي منتسبي منظومة العدالة، من الولوج والاطلاع عليها والتعليق على مضامينها، بما يسمح بالرفع من جودة الأحكام والقرارات، ويحقق الأمن القضائي المنشود.

الكلمات الدالة

القضاء، الاستثمار، تشجيع الاستثمار