دور المناطق الاقتصادية الخاصة في تحقيق التنمية الاقتصادية الإقليمية: فرص وتحديات (التجربة الصينية)

زينب عوض الله

قسم القانون العام - كلية الحقوق - جامعة الكويت

الملخص

شهد العالم منذ منتصف القرن الماضي تسارعاً في وتيرة نمو المناطق الاقتصادية الخاصة من حيث عددها (5400 منطقة في 147 دولة) وأنماطها (لتشمل أشكالًا جديدة كالمناطق المتخصصة إضافة للمناطق التقليدية)، وخاصة في الدول النامية لدفع عجلة النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وتحقيق أهدافهما، باعتبارها وسيلة ناجعة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتنمية صادراتها وحصولها على التكنولوجيا الحديثة وتوفير فرص العمل وزيادة إيراداتها من العملة الأجنبية، وتعزيز وتدعيم السوق النقدية والمالية، وما ينجم عنه من زيادة ترابط الاقتصاد المحلي والاقتصاد العالمي وزيادة مساهمتها في سلسلة القيمة العالمية. وهكذا جاءت المناطق الاقتصادية الخاصة ركنا أساسيا من معجزة النمو الاقتصادي في الصين منذ فتحت أبوابها للعالم في السبعينيات، واعتبرت الإمارات من الدول القليلة التي حققت نجاحاً في إنشائها وكذلك بنما وأثيوبيا، ورغم ما يؤكده الواقع من أن أداء عديد من المناطق لا يزال دون التوقعات، وأنها ليست شرطا مسبقا ولا ضمانا لزيادة تدفقات الاستثمار المباشر أو التنمية الإقليمية، حيث جاءت معدلات نمو هذه المناطق متقاربة ومعدلات النمو في الدولة، وفشلت في توزيع مكتسبات التنمية خارج حدودها. وفي الكويت جاء مشروع المنطقة الاقتصادية الشمالي، رغم ما لاقاه من مقاومة وما أثاره من مخاوف، بهدف تحقيق الأمن الإقليمي كمعبر استراتيجي على طريق الحرير ودعم التكامل الاقتصادي بين دول الجوار ودول مجلس التعاون الخليجي وخلق فرص عمل جديدة وتنويع الدخل للبلاد. فإلى أي مدى نجحت المناطق الاقتصادية الصينية في دفع عملية التنمية الاقتصادية الإقليمية؟. وماهي أوجه الخلاف بينها وبين تلك المناطق في بعض البلدان؟ في هذا الإطار تنطلق دراستنا من ثلاثة فروض وتسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف: أما الفروض فهي: • أن ثمة خاصيتان رئيسيتان للمناطق الاقتصادية الخاصة الصينية مقارنة بها في البلدان الأخرى. الأولى، أنها مناطق شاملة وليست مناطق تجارية وحيدة الإدارة أو مناطق لمعالجة الصادرات فقط. والثانية، أن الأمر لم يقتصر على إنشاء مناطق اقتصادية خاصة بل تخطاه إلى استراتيجية إصلاح اقتصادي شامل، وامتدت من المناطق الساحلية والشاطئية إلى المناطق الداخلية الواسعة وشملت مدنا ومحافظات كاملة ساهمت في دفع النمو في البلاد إلى مستوياتها المعروفة. • لعبت المناطق الاقتصادية الخاصة الصينية دورا مهما في النمو الاقتصادي، حيث شكلت عام 2018 حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي و50% من الاستثمارات الأجنبية و48% من إجمالي حجم التجارة و35% من الإيرادات الضريبية .واستهدف نمط التنمية نظام متكامل للتخطيط والمشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص (اقتصاد السوق الاشتراكي). • أن العلاقة بين المناطق الاقتصادية الخاصة واتفاقات التجارة الحرة الإقليمية والعالمية واتفاقات الشراكة التفضيلية معقدة ولها وجوه متعددة. فاتفاقية منظمة التجارة العالمية تصنف سياسات دعم الصادرات، (الإعفاءات الضريبية الممنوحة لصناعات أو لمناطق معينة) كسياسات دعم ممنوعة، تفرض على البلدان التي تضم مناطق اقتصادية خاصة حال تجاوز متوسط الدخل السنوي الفردي 1000 دولار أن تعمم ميزات تلك المناطق، وإلا واجهت إجراءات عقابية. وأما الأهداف فهي: • فهم طبيعة ووظيفة ودور "المناطق الاقتصادية الخاصة"، في تعزيز التنمية الإقليمية والمحلية بحسب تطورها على مدى العقود الأربعة الماضية وإلقاء الضوء على مجموعة من المحاور المفسِّرة للتجربة الصينية. • وقد شهد العالم انتشاراً كبيراً للمناطق الاقتصادية الخاصة فهل ساعدت هذه المناطق على تنشيط التنمية الاقتصادية الإقليمية في الدول النامية ؟ أم أنها غدت جزراً منعزلة داخلها وهو ما يتعارض مع الهدف والأساس الذي قامت عليهما؟. • وقد تعددت تجارب المناطق الاقتصادية الخاصة العربية وتفاوتت بشكل كبير درجات نجاحها وإخفاقها، فما مدى امكانية استفادة الاقتصادات العربية بصفة عامة، والخليجية بصفة خاصة والاقتصاد الكويتي بصفة أخص، من هذه المناطق؟.

الكلمات الدالة

المناطق الاقتصادية، الاستثمار، الاستثمار الأجنبي، تنويع الإيرادات، المناطق الخاصة