دور القانون الجنائي في تحفيز الاستثمار

حسن السيد

الاقتصاد و المالية العامة - كلية الحقوق - جامعة الزقازيق

الملخص

دور القانون الجنائي في تحفيز الاستثمار مقدمـــــة : يعد الاستثمار والنهوض به أحد الأهداف الرئيسية التي تسعي إلي تحقيقها كل دول العالم لما له من أهمية بالغة في تحقيق التنمية الاقتصادية لديها ورفع معدلات النمو وذلك من خلال ما يؤدي إليه من زيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل وخفض نسبة البطالة وزيادة قدرة الدولة علي التصدير وتوفير العملات الأجنبية وتنشيط الطلب الكلي وإجمالا رفع مستوي المعيشة . والاستثمار بوصفه عملية تهدف إلي إضافة طاقات إنتاجية إلي جانب الطاقات الإنتاجية المتاحة بهدف إنشاء مشروعات تنموية جديدة أو تطوير المشروعات القائمة بالفعل فهو بهذه المثابة يرتبط بالإنفاق الرأسمالي علي كافة المشروعات التي تتم في كافة القطاعات سواء كانت متعلقة بالبنية التحتية أو القطاعات الإنتاجية بكافة مجالاتها، كما يسهم في زيادة الدخل القومي وتحقيق الفائض في الميزان التجاري من خلال زيادة التصدير . لذلك وسعيا وراء تحقيق هذه الأهداف فإن الدول تعتبر الاستثمار أحد تحدياتها الاقتصادية ومن ثم تسعى إلي توجيه جزء كبير من طاقاتها وإمكانيتها نحو جعله واقعا فعليا وملموسا علي ارض الواقع لا مجرد أفكار أو طموحات . وهناك من الأسباب والدوافع التي تجعل الاستثمار أمرا لازما لا مجرد خيار هو التقدم التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم والذي يفرض علي الدول ضرورة مواكبته لدي النهوض باقتصادياتها من خلال الاستثمار الصناعي والمعرفي لضمان الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية . محددات الاستثمار وللاستثمار محددات ينظر إليها علي أنها مجموعة من العناصر المتداخلة ذات التأثير المتبادل وهي تؤثر على فرص إنجاح المشاريع الاستثمارية والقرارات التي يمكن أن يتخذها المستثمر أو الشركة – هذه المحددات والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالبيئة الاستثمارية إما أن تكون عناصر جاذبة للاستثمار أو طاردة له . ويمكن إجمالها في الاستقرار الاقتصادي – والبيئة السياسية والتشريعية والأمنية ودرجة المخاطرة والشفافية والبيئة التحتية والكفاية الحدية لرأس المال . البيئة التشريعية والقانون الجنائي كإحدى محددات الاستثمار تلعب البيئة الاستثمارية دورا هاما في تحديد قيمة الاستثمارات ومن ثم حجم المشروعات الاستثمارية وأهم عوامل هذه البيئة الاستثمارية المناخ التشريعي والقوانين التي لها علاقة وطيدة بعملية الاستثمار من حيث ضمان حقوق المستثمر وحمايتها من الاعتداء عليها من الأفراد أو حتى الدولة نفسها من حيث المصادرة أو التحفظ أو التأميم أو ارتفاع الجبايات الضريبية على أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية . من ناحية أخرى فإن انتشار الجرائم الاقتصادية والمالية وجرائم الفساد وغسل الأموال والجرائم السبرانية بشتى صورها وأشكالها من شأنه أن يقوض فرص الاستثمار ويشكل ولاشك أحد معوقاته والتي تبدو معه أحد العناصر الطاردة للمستثمرين الذين يفضلون النأي بأنفسهم عن هذه الأجواء والإحجام عن المخاطرة . ومن هنا كانت أهمية التشريعات الجنائية في التصدي لهذه الممارسات الإجرامية المعوقة للاستثمار والطاردة للمستثمرين من خلال تجريم مثل هذه الأفعال وفرض العقوبات الرادعة ضد مرتكبيها من أجل ضمان حقوق المستثمرين و توفير البيئة اللازمة لتحقيق الأمن و الاستقرار الاقتصادي . من ناحية أخري فإنه يتعين النظر باهتمام شديد إلي مدي فعالية وملاءمة قوانين ونظم الإفلاس الحالية لتشجيع الاستثمار وهل هي بحالتها الراهنة مجدية أم أنها تعتبر وجها آخر مخيفا للمستثمرين تحت عباءة القانون لمصادرة أموالهم أو بيعها بالمزادات العلنية إذا ما تعثرت أحوالهم المالية أو تعرضت للاضطراب لسبب أو لآخر . وإذا كانت الإجابة بالنفي فإنه يتعين تطوير هذه القوانين لتكون أكثر مرونة وتساعد في حل مشاكل المستثمرين وإقالتهم من عثراتهم أو اضطراباتهم المالية ومساعدتهم علي النهوض من جديد وهو ما أخذت به مصر من خلال إصدارها القانون رقم (11) لسنة 2018 في 19/2/2018 بشأن تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي من الإفلاس بل و تشجيع المستثمرين من خلال الإعفاءات الضريبية و كفالة حقوقهم و منع الاعتداء عليها بأية طريقة وذلك من خلال ما هو منصوص عليه في المواد الرابعة والعاشرة والحادية عشرة وغيرها إلي غير ذلك من محفزات الاستثمار التي تضمنها قانون الاستثمار المصري 72 لسنة 2017 . تجربة المحاكم الاقتصادية في مصر في توفير البيئة التشريعية اللازمة و المحفزة للاستثمار من خلال النص علي مجموعة من الجرائم الاقتصادية . في عام 2008 أنشئت المحاكم الاقتصادية في مصر بالقانون 120 لسنة 2008 في دوائر محاكم الاستئناف (ثماني محاكم) و التي أشرف برئاسة إحداها والتي نص في المادة الرابعة منها بعد تعديلها على اختصاصها بالنظر في المنازعات الناشئة عن تطبيق إحدى و عشرين قانونا منها قانون الاستثمار 72 لسنة 2017 وقانون إعادة الهيكلة والصلح الواقي من الإفلاس 11 لسنة 2018 وقانون حماية المستهلك وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية 3 لسنة 2005 وقانون التجارة في شأن نقل تكنولوجيا المعلومات 17 لسنة 1990 وقانون التجارة البحرية 8 لسنة 1990. وقد تضمن كل منها النص علي بعض الممارسات التي تشكل جرائم جنائية تناولتها المادة 4 من القانون المشار إليه 120 لسنة 2008 وسوف نتناول ما سبق بشرح مفصل في البحث الذي سيعد لذلك مستعرضا النقاط التي أشير إليها في هذا المحور .

الكلمات الدالة

الاستثمار ، القانون الجنائي ، المحكمة الاقتصادية