فعالية الاطار القانوني والتنفيذي للرقابة الضريبية في مواجهة تزايد جرائم التهرب والغش الضريبيين وتهيئة البيئة المحفزة للاستثمار.

بوعلام ولهي

قسم علوم التسيير - كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير - محمد بوضياف - المسيلة - الجزائر

الملخص

تعد ظاهرة التهرب الضريبي من العقبات التي تحول دون وجود ببيئة أعمال قائمة على المنافسة العادلة، فضلا على أنها محددا رئيسيا للمدى الذي قد تصله الدولة في تقديم الدعم للمشروعات الاستثمارية عبر التحفيز الضريبي، كما أنها أحد العوامل المغذية للضغط الضريبي، فانتشارها يدفع الدول إلى رفع المعدلات الضريبية لتعويض الحصيلة المهربة، مضيفا بذلك أعباءا إضافية على المؤسسات الممتثلة ضريبيا ما قد يدفعها إلى التهرب، أو انسحابها من السوق. ويعود التهرب الضريبي إلى عدة أسباب منها: - الأسباب المرتبطة بالتشريع الضريبي: مثل المغالاة في تعداد الضرائب وارتفاع معدلاتها، تعقد التشريعات الضريبية وعدم ثباتها واستقرارها، وعدم استجابة التشريعات الضريبية للتغيرات والإصلاحات التي تعرفها الأنظمة الاقتصادية والسياسية؛ - الأسباب المرتيطة بالإدارة الضريبية: من بينها نقص الكفاءات والوسائل المادية وضعف التنظيم على مستوى الإدارة الضريبية، ضعف التكوين والتأطير، وتفشي الفساد الإداري في مصالح الادارة الضريبية. يترتب على التهرب الضريبي جملة من الآثار السلبية على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي: - على المستوى المالي : يحدث التهرب نزيفا في موارد موازنة الدولة ويسبب لها خسائر معتبرة، وهذا يدفع الدولة إلى تقليص الإنفاق العام والإحجام عن تقديم الإعانات والإعفاءات الضريبية الموجهة لدعم وترقية المشروعات الاستثمارية، كما أنها قد تلجأ إلى رفع المعدلات الضريبية لتعويض النقص في الإيرادات العامة. - على المستوى الاقتصادي: يساهم التهرب الضريبي في إعاقة المنافسة، فالضريبة المرتفعة تعطي امتيازا للمؤسسة المتهربة مقارنة بالمؤسسة الممتثلة ضريبيا، ما يفشل المنافسة بينهما، وتكون الفرصة الأكبر للمؤسسات المتهربة للتفوق على المؤسسات الممتثلة للقوانين الضريبية وإن كانت أحسن منها انتاجا وتنظيما وأفيد للمجتمع، بسبب تمكنها من تخفيض نفقاتها من خلال التهرب، الأمر الذي يعطيها ميزة السيطرة على السوق، ومن آثار إعاقة المنافسة أنها تؤخر تطور المؤسسات، كون التهرب الضريبي يثبط الجهود الهادفة لرفع الإنتاجية، فالمؤسسة التي تريد تعظيم إيراداتها بتطوير وتفعيل طرق إنتاجها وتسييرها قد تحجم عن ذلك حين تعلم بالإمكانيات التي يمكن أن يوفرها التهرب الضريبي في هذا المجال، وقد يدفع التهرب الضريبي المؤسسات الاقتصادية إلى توجيه أنشطتها حسب الاعتبارات الضريبية وليس الاعتبارات الاقتصادية، كأن توجهها للقطاعات التي يسهل فيها التهرب عوض الأنشطة المساهمة في تكوين الثروة والقيمة المضافة، كما بتسبب التهرب في ندرة رؤوس الأموال وتثبيط حافز الاستثمار نتيجة إخفاء الإيرادات المهربة واكتنازها أوتهريبها إلى الخارج، كما أن انخفاض الحصيلة الضريبية بفعل التهرب يدفع الحكومات إلى رفع المعدلات الضريبية أو فرض ضرائب جديدة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تجاوز المعدلات الضريبية الحدود المحفزة على الاستثمار، ما يضعف الحافز على الاستثمار. أمام هذه الانعكاسات السلبية والخطيرة للتهرب الضريبي الذي قد يأخذ بعدا محليا أو بعدا دوليا، لا تدخر الدول جهدا في تضمين تشريعاتها الضريبية آليات مواجهته على المستويين المحلي والأحنبي: - على المستوى المحلي (التهرب المحلي): من خلال العمل على تحسين فعالية النظام الضريبي عن طريق تبسيط وتحسين التشريعات الضريبية وإرسائها على قواعد عادلة، تحسين أداء الإدارة الضريبية بتزويدها بالإمكانيات البشرية والمادية اللازمة، تحسين العلاقة بين الإدارة الضريبية والممول بنشر الوعي الضريبي. - على المستوى الخارحي( التهرب الدولي): تعد الاتفاقيات الضريبية الثنائية والمتعددة الأطراف أهم سبل العلاج. إلا أن الدولة يمكنها استعمال طرائق وقائية أو جزائية داخلية للتقليل من ظاهرة التهرب الضريبي على المستوى الدولي. فعلى مستوى تشريعاتها الضريبية الداخلية تستطيع الدولة سن نصوص تشريعية وإجراءات صارمة وفرض عقوبات ردعية (غرامات التأخير، عقوبات ضريبية وجنائية) بهدف فرض التزام أكثر على المكلفين بأداء الضريبة، أما على المستوى الخارجي فقد اتخذت ظاهرة التهرب الضريبي بعداً عالمياً مع ما وفرته تكنولوجيا المعلومات وتحرير حركة رؤوس الأموال والمعاملات الدولية، ومنه زيادة إمكانية التهرب الدولي، الأمر الذي جعل التعاون الدولي ضرورة حتمية للمكافحة والحد من الظاهرة، ويكون ذلك في إطار التعاون الدولي لتبادل المعلومات في شكل اتفاقيات ومعاهدات ثنائية،( الاتفاقيات الضريبية، التنسيق الضريبي، المساعدة الادارية المتبادلة في المجال الضريبي، الشفافية المصرفية، الشفافية الضريبية). لكن تبقى الرقابة الضريبية بشقيها التشريعي والتنفيذي أبرز آليات مواجهة التهرب الضريبي، غير أن فعاليتها في الحد من الظاهرة وتجنب انعكاساتها السلبية على خزينة الدولة وعلى بيئة الاستثمار، تتوقف على قدرة التشريع الضريبي على وضع الاطار القانوني والتنفيذي لرقابة قادرة على مواجهة الظاهرة واحتوائها. وهو ما تحاول هذه الورقة البحثية إثارته من خلال معالحة الإشكالية التالية:" كيف يمكن للتشريع الضريبي المساهمة في وضع الاطار القانوني والتنفيذي لرقابة ضريبية قادرة على الحد من تزايد جرائم الغش والتهرب الضريبيين وتهيئة بيئة محفزة للاستثمار؟.

الكلمات الدالة

التشريع الضريبي", "التهرب الضريبي", "الرقابة الضريبية", "الاتفاقيات الضريبية الدولية", "التنسيق الضريبي الدولي".