الجهاز البنكي و مكافحة غسل الاموال

ربيع كموح

القانون الخاص - كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية - جامعة ابن طفيل القنيطرة

الملخص

أخذت الجريمة تصورا جديدا، وأبعاد مختلفة عن التصور التقليدي الذي كانت تعرفه في السابق، وعليه لم تعد تتسم بتلك العفوية والبساطة التي كانت تعرفها، خاصة أمام تنامي ظاهرة العولمة، ومواكبة ذلك بالثورة الإلكترونية التي عرفتها مختلف المجالات بما فيها القطاع البنكي، الشيء الذي استغل من قبل المنظمات الإجرامية. هذا، وأمام رغبة المنظمات الإجرامية في إخفاء حقيقة الأموال المتحصل عليها من الأنشطة الإجرامية كان لابد من اعتماد أساليب وآليات تطورت مع مرور الزمن، وعلى الرغم من اختلافها فالهدف يبقى واحد- إخفاء المصدر غير المشروع للأموال-، وعليه أصبح مفهوم غسل الأموال يرتبط بالجهاز البنكي، وذلك بإخفاء حقيقة الأموال المستمدة عن طريق فعل غير مشروع، بتصديرها أو إيداعها في بنوك دول أخرى، أو نقلها أو إيداعها أو توظيفها واستثمارها في أنشطة مشروعة، سواء كان الإيداع أو التحويل أو التوظيف أو الاستثمار قد تم في دول متقدمة أو دول نامية. على ضوء ما سبق، أصبحت المؤسسات البنكية أمام خيارين إما أن تتخذ دور تيسير لعمليات غسل الأموال، وذلك بالنظر إلى الخدمات التي تقدمها، خاصة تلك المرتبطة بإيداع الأموال، والحصول على القروض، أو أنها آلية لمكافحة عمليات إضفاء الشرعية على الأموال المتحصل عليها من الجرائم. أمام هذه المعطيات وجدت عمليات غسل الأموال في المؤسسات البنكية الملاذ الآمن لإضفاء الشرعية على الأموال القذرة، الشيء الذي دفع أغلب التشريعات إلى تحميل المؤسسات البنكية مجموعة من الالتزامات تحول دون جعلها في مكانة تقديم المشورة والمساعدة للمجرمين وقناة لتصريف العمليات المشبوهة، وذلك عن طريق تقوية دورها في إضفاء الشرعية على الأموال الناتجة عن جرائم المخدرات أو الأفعال غير المشروعة، نتيجة استخدام أساليب معقدة للغاية والتي قد تصبح مشروعة داخل المجتمع من خلال الدخول في أنشطة اقتصادية متنوعة. وعليه، فبدل أن تصبح المؤسسة البنكية أداة لإضفاء الشرعية على الأموال القذرة أو الناتجة عن أحد الأفعال غير المشروعة، أو الناتجة عن جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، تصبح آلية لمكافحة عمليات غسل الأموال عن طريق فرض مجموعة من قواعد الحيطة والحذر في مزاولة العمليات البنكية، والتي تروم بالأساس تحديد هوية زبناء العمليات المزمع القيام بها مع تنظيم البيت الداخلي لهذه المؤسسات عن طريق مسك سجلات، وتأهيل العنصر البشري العامل بها ضمانا لمواجهة هذه الظاهرة، مع ترسيخ فكرة التعاون والتنسيق بين هذه المؤسسات والهيئات التي يعهد إليها بتلقي بلاغات الاشتباه. على ما سبق، يطرح الإشكال التالي: إلى أي حد يمكن القول أن المشرع المغربي نحج في جعل المؤسسات البنكية آلية لمكافحة غسل الأموال عن طريق التدابير المفروضة عليها؟ من أجل معالجة هذه الإشكالية سنعمد إلى تناولها وفق التقسيم التالي: المحور الأول: ربط مفهوم غسل الأموال بالجهاز البنكي المحور الثاني: دور المؤسسات البنكية في مكافحة غسل الأموال

الكلمات الدالة

جريمة غسل الاموال - دور المؤسسة البنكية في مكافحة هذه الجريمة