التحكيم بالوسائل الذكية كآلية لتسوية منازعات الاستثمار (دراسة مقارنة بين القانون الكويتي والقانون الفرنسي)

محمد فتح الباب

القانون المدني - الحقوق - جامعة عين شمس ومعار إلى كلية البريمي الجامعية

الملخص

إذا كان البعض يعتبر أن تقنية سلسلة الكتل - وإحدى تطبيقاتها العقود الذكية- تعتبر من أفضل الابتكارات وأكثرها تطورًا منذ ظهور الإنترنت؛ يجادل آخرون بأنه يمكن اعتبارها مجرد "فقاعة تكنولوجية" سوف تنفجر خلال فترة زمنية قصيرة، وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بشأن هذه الابتكارات؛ إلا أنه لا يمكن إنكار أنها تحظي بقدرٍ كبيرٍ من الاهتمام لدي كثير من الجهات والهيئات سواء الحكومية أم غيرها؛ حيث تقوم العديد من المؤسسات التجارية والمالية بتجربة هذه التقنيات وتطبيقها. ومن جانب آخر؛ فإنه إذا كان 2017 هو عام تقنية سلسة الكتل؛ فإن عام 2018 يعد عام "العقود الذكية". ووفقًا للدراسات القانونية؛ وبصفة عامة؛ يعتبر العقد الذكي برنامجًا يلجأ إليه المستخدم ويحدد القواعد التي تحكم المعاملات، والتي يتم تنفيذها بواسطة شبكة يتجمع عليها الأطراف، حيث تحمل العقود الذكية الوعد بإلغاء الحاجة إلى الوسطاء والتكاليف المرتبطة بالمعاملات. ولكن قبل الخوض في مسألة العقود الذكية؛ يتعين بداية الاعتراف القانوني بسلسلة الكتل من جانب التشريعات المختلفة، وهو ما بدأ بالفعل من جانب بعض الدول، كالقانون المدني الفرنسي بموجب المرسوم بقانون رقم (131) لسنة 2016 الصادر بتعديله، الذي اعترف بما يرد في سلسلة الكتل من حجية قانونية، بالإضافة إلى المرسوم الخاص بقاموس المعلوماتية الفرنسي وفق آخر تعديل عام 2018؛ حيث ورد به تعريفٌ لسلسة الكتل، وكذلك قانون المعاملات النقدية والمالية الفرنسي، الذي اعترف بالمعاملات التي تتم عبر سلسلة الكتل. وفي ذات السياق؛ فإنه لما كان القانون لا يمنع نشوء منازعات بين طرفي العقد؛ فإنه يضع الآليات –القانونية- المناسبة لحلها، سواء بالطرق القضائية أم الودية، ونقصد من ذلك التحكيم. فالحياة الاقتصادية كما يقول الأستاذ "رينييه ديفيد" في عصرنا أصبحت لا يمكن تصورها دون التحكيم، حتى أضحى هذا الأخير من مستلزمات الإطار القانوني للمشاريع الاستثمارية والإنمائية الكبرى. فالمستثمر يهمه في المقام الأول أن يتم حل المنازعات التي تنشأ من العقود التي يبرمها بطرقٍ عادلة وميسرة وناجزة، ولعل هذا هو ما يتوفر في التحكيم، خاصة عندما يتم إجراؤه بالوسائل المستحدثة الذكية، عبر سلسلة الكتل. ويتم التحكيم الذكي من خلال العقود الذكية المبرمة عبر سلسلة الكتل؛ حيث يتم إدراج المنازعات المتوقع حدوثها في المستقبل بين طرفيْ العقد داخل رموز في العقد، ومن ثم وضع آلية لتسوية تلك المنازعات، بمعنى أنه إذا توقع أحد الطرفين أن يخل الآخر بتنفيذ أحد الالتزامات الواردة في العقد الذكي، كدفع الثمن المتفق عليه أو الإخلال بالتسليم مثلا؛ فإنه يتم تطبيق الجزاء -المدني- تلقائيًا وبصورةٍ مباشرة، حيث إن طبيعة العقد الذكي تقوم على توقع الإخلال بالالتزامات الواردة فيه وتوقيع الجزاء مباشرة، بما يُعبر عنه بعبارة: " If-Then". ومما سبق؛ يتضح أن التحكيم بالوسائل الذكية على هذا النحو يكون له دورٌ كبيرٌ في معالجة الآثار السلبية التي قد تكتنف نظيريْه: التقليدي والإلكتروني، حيث إنه يتمتع بقدرٍ عالٍ من الشفافية والسرعة وقلة التكاليف وإلغاء دور الوسيط. والمثال على ذلك هو التحكيم الذي يتم داخل أو بجانب تطبيقات سلسة الكتل، بما في ذلك منصات العقود الذكية، حيث يمكّن التحكيم المضمن أو "اللامركزي" من حل المنازعات المتعلقة بمعاملات سلسة الكتل دون إجراءات أو أطر عدالة قانونية تقليدية، يهدف موقع OpenCourt، وهي مبادرة تم تطويرها بواسطة شركة OpenLaw؛ تركز على العقود التي "تتضمن نظام تحكيم ذكي يعمل بالعُقد".

الكلمات الدالة

التحكيم الذكي- سلسلة الكتل - العقد الذكي - الاستثمار