مشاركة الجمهور في حماية البيئة من مخاطر الاستثمار في الجزائر: نظام المنشآت المصنفة نموذجا

محمد أمين أوكيل

قسم الحقوق - كلية الحقوق والعلوم السياسية - جامعة عبد الرحمن ميرة - بجاية - الجزائر

الملخص

تعد سياسة تحفيز الاستثمار مطلبا أساسيا تطمح إليه كل الدول، وتعمل جاهدة على تأطير سبل تجسيده في برامجها واستراتيجياتها التنموية. وعلى هذا الأساس بادرت الجزائر بتكريس حرية الاستثمار في نص المادة 43 من الدستور. أسهم التكريس الدستوري لمبدأ حرية الاستثمار في فتح المجال أمام ازدهار الأنشطة الصناعية وخلق حركية في حجم النشاطات الإنمائية والاقتصادية. بيد أن التركيز على سياسة تشجيع الاستثمار، قد يكون لها آثار وخيمة على البيئة المحيطة، نتيجة الأضرار والمخاطر المترتبة عن بعض الأنشطة الاستثمارية والصناعية التي تهدد السلامة البيئية والوسط الإيكولوجي الذي يمثل الإطار الحيوي والمعيشي للمجتمعات والكائنات الطبيعية الحالية والمستقبلية. وللتوفيق بين قطبيي هذه المعادلة الصعبة التي تفرضها حتمية مواصلة سياسة تشجيع الاستثمار وضرورة حماية البيئة الطبيعية، حرصت الدولة على تصنيف بعض النشاطات الاستثمارية التي من شأنها أن تسبب تهديدا محتملا للبيئة، وإحاطتها بمجموعة من القيود والمعايير التنظيمية لتلافي إضرارها بالوسط البيئي أو استنزافها للموارد الطبيعية. وفي هذا الصدد قام المشرع بتأطير هذه المنشآت الاستثمارية بنظام خاص يعرف بقانون المنشآت المصنفة، يرمي إلى إخضاع المنشآت الاستثمارية حسب حجمها ومستوى التلوث البيئي المنبعث منها إلى تدابير الترخيص الإداري المسبق، وتحديد المصالح المستهدفة من الحماية: كسلامة الجوار والصحة والنظافة العمومية، بالإضافة إلى حماية الثروة الفلاحية والمائية. لكن الجهود التي تبذلها الدولة في سبيل حماية البيئة من مخاطر الاستثمار عن طريق تقييد سياسة الاستثمار بنظام المشاريع المصنفة، ليست كافية مالم تعزّزها جهود الجمهور سواء منفردين كمواطنين أو في شكل تنظيمات وجمعيات المجتمع المدني باعتباره طرفا أساسيا في متابعة وإنفاذ السياسات البيئية، حيث تجاوز دوره الآن دائرة الاحتجاج أو المعارضة إلى حد المساهمة والمشاركة الفعلية في صياغة سياسة التسيير البيئي ومتابعة مختلف البرامج الرامية لحماية النظم البيئية والمحافظة على مقومات استدامتها من كل عوامل التهديد البيئي، بما في ذلك المشاريع الاستثمارية المسببة للتدهور البيئي أو المهددة للتوازن الإيكولوجي ، وذلك بعد أن اعترف للجمهور بدوره الفعال وتأثيره المباشر في مجال حماية البيئة باعتبارها قضية شأن عام تخص الجميع وليست قضية الدولة فقط، وهذا ما ساهم في تكريس مكانة الجمهور في حماية البيئة على مستوى العديد من النصوص والاطر القانونية على الصعيد الدولي والوطني. وانطلاقا من الدور الحيوي الذي يضطلع به الجمهور في السياسات البيئية والنظم المعاصرة لحمايتها كنظام المنشآت المصنفة، نهدف من خلال هذه الورقة البحثية لتبيان أسس ومجال مساهمة الجمهور في حماية البيئة من مخاطر المشاريع الاستثمارية والإنمائية المدرجة في نظام المنشآت المصنفة، ومدى فعالية هذا الدور في الحفاظ على سلامة البيئة، وهذا من خلال طرح الإشكالية التالية: فيما تكمن أسس وأدوات تدخل الجمهور وتنظيمات المجتمع المدني لحماية البيئة من التهديدات المحتملة للمشاريع الاستثمارية المنظمة بمقتضى نظام المنشآت المصنفة في الجزائر؟ وللإجابة عن هذه الإشكالية، ارتأينا اعتماد خطة مبدئية كالتالي: 1- التكريس القانوني لمشاركة الجمهور في حماية البيئة في التشريع الوطني. أ-النصوص العامة. ب-نظام المنشآت المصنفة. 2- أدوات ووسائل مشاركة الجمهور في حماية البيئة في إطار نظام المنشآت الاستثمارية المصنفة. أ‌- الأدوات والوسائل المتعلقة بالمخاطر المحتملة عن إنشاء المشاريع الاستثمارية. ب‌- الأدوات والوسائل المتعلقة بالمخاطر المترتبة عن استغلال المنشآت الاستثمارية. 3- الصعوبات والتحديات الخاصة بمشاركة الجمهور في حماية البيئة في ظل نظام المنشآت المصنفة.

الكلمات الدالة

"رخصة استغلال"، "تحقيق عمومي"، "دراسات التأثير"، "منشآت مصنفة"