الشراكة بين القطاعين العام والخاص: الإطار التعاقدي

فوزي بالكناني

قسم القانون الخاص - كلية القانون - جامعة قطر

الملخص

تهدف هذه الورقة البحثية إلى البحث في الإطار التعاقدي للشراكة بين القطاعين العام والخاص الموجّهة لإنجاز مشاريع البنية التحتية باعتبارها مشاريع تتميز بضخامة التمويل وطول فترة الإنجاز وتعدد مراحله، فضلا عن تنوّع الأطراف المتداخلة فيها وتنوع العقود التي يقتضيها كل من تصميمها وإنجازها. وهي مشاريع تؤثر بعمق على الاقتصاد الوطني، إذ تتيح الشراكة بين القطاعين العام والخاص للدولة عدم تحميل الموازنة العامة نفقات تصميم وإنجاز وتشغيل تلك المشاريع المكلفة مع تحقيق عائد مادي تهدف هذه الورقة البحثية إلى البحث في الإطار التعاقدي للشراكة بين القطاعين العام والخاص الموجّهة لإنجاز مشاريع البنية التحتية باعتبارها مشاريع تتميز بضخامة التمويل وطول فترة الإنجاز وتعدد مراحله، فضلا عن تنوّع الأطراف المتداخلة فيها وتنوع العقود التي يقتضيها كل من تصميمها وإنجازها. وهي مشاريع تؤثر بعمق على الاقتصاد الوطني، إذ تتيح الشراكة بين القطاعين العام والخاص للدولة عدم تحميل الموازنة العامة نفقات تصميم وإنجاز وتشغيل تلك المشاريع المكلفة مع تحقيق عائد مادي معقول للمستثمر الخاص، ومع الإبقاء على قدر من السيطرة على المشروع تتيح للدولة ضمان تحقق المصلحة العامة المرجوة منه. بحيث أضحت الشراكة بين القطاعين العام والخاص إحدى الآليات المعتمدة من أبرز المؤسسات المالية بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. ولكن ازدهار تلك المشاريع يقتضي إيجاد بيئة قانونية تتيح حماية متوازنة لمصالح كافة الأطراف فضلا عن حفظ المصالح المرتبطة بتلك المشاريع والتي تتعدّى مصالح أطراف العقد. إذ يؤخذ من تجارب عدة بلدان في المنطقة أنّ تعزز البيئة القانونية الداعمة، ثقة المستثمرين الذين يحتاجون إلى تشريعات ملائمة تتيح لهم الإقدام على إبرام العقود المتعلقة بمشاريع البيئة التحتية على طول مدّتها وضخامة تمويلها. وهو ما يقتضي إنشاء وحدات إدارية خاصة بالتخطيط للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وضبط مجالاتها وإدارتها ومتابعة تنفيذها وإصدار نصوص قانونية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية. وإن كان عدم صدور القانون المنظم للشراكة بين القطاعين العام والخاص في دولة قطر لم يمنع من إنجاز مشاريع عديدة ناجحة منذ سنة 2014 تدخل ضمن هذه الشراكة استنادا فقط إلى إطار تعاقدي، ومن ذلك مثلا بناء أربع مناطق للتخزين والخدمات اللوجستية استناد إلى عقود بناء وتشغيل ونقل الملكية مبرمة مع مطورين في خدمات التخزين والخدمات اللوجستية تم تنفيذها بإشراف شركة مناطق المملوكة للدولة، و تخصيص منطقة الوكير اللوجستية من خلال مناقصة لشركة الخليج للمخازن GWC على أساس نظام "البناء – التشغيل – نقل الملكية" لمدة 30 عامًا، وطرح مشروع لإقامة محطة الطاقة الشمسية غرب الدوحة، بعقد شراكة بين القطاعين العام والخاص بنظام بناء وتملك وتشغيل ونقل ملكية (BOOT) مدته 25 سنة بانتهائها تنتقل ملكية أصول المحطة إلى شركة كهرماء، ومشروع بناء ثلاثة مستشفيات خاصة من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومشروع المدينة العمالية الجديدة التي وقّعت في شأنه شركة "بروة" مع وزارة البلدية والبيئة سنة 2017 عقدا مدته 27 عاما تشمل سنتين معدتين للإنشاء و25 سنة للتشغيل والاستثمار قبل نقل ملكية الأصول إلى الدولة. ولكن هل تكفي النصوص التي تنظم العقود في دولة قطر لتنظيم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهل هنالك حاجة إلى تشريعات خاصة تنظم تلك الاتفاقات بأحكام تخرج عما هو تحتويه حاليا المنظومة القانونية القطرية؟ تسعى هذه الورقة البحثية إلى تناول هذا المشكل القانوني بالبحث، من خلال المراوحة بين اتباع المنهج الاستقرائي والمنهج المقارن، وبالاستناد إلى المبررات الهيكلية والظرفية لإبرام عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من جهة، وبالرجوع إلى خصوصيات الفئات المختلفة لعقود الشراكة المتنوّعة واستنادا إلى درجة مساهمة القطاع الخاص ومسئوليات القطاع العام في كل فئة من فئات عقود الشراكة. والله تعالى ولي التوفيق

الكلمات الدالة

"شراكة بين القطاعين العام والخاص"، "عقود شراكة"، "إطار تعاقدي"، "مساهمة القطاع الخاص"، "مسؤوليات القطاع العام"