الامتيازات التي يقرّرها القانون الجزائري للاستثمارات الوطنية وأثرها على جذب الاستثمار الأجنبي

محمد هاملي

حقوق - معهد الحقوق والعلوم السياسية - المركز الجامعي بمغنية

الملخص

ملخص البحث: بهدف الحفاظ على النسيج الصناعي الوطني والحرص على عدم تلاشي المؤسسات الاقتصادية الوطنية، لاسيما في ظل المنافسة الشرسة التي قد تفرضها عليها المؤسسات الاقتصادية الأجنبية، عمدت بعض الدول ومن ضمنها الجزائر إلى إدراج جملة من الأحكام في قوانينها ذات الصلة بمجال الاستثمار بغرض إعطاء اِمتيازات لمؤسّساتها الوطنية وكذا بهدف تمكينها من الحصول على صفقات عمومية. ومن ضمن الامتيازات المذكورة نجد الأحكام التي جاء بها الأمر رقم 09-01 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2009، والتي تلزم أي مستثمر أجنبي بالدخول في شراكة مع أحد المتعاملين الوطنيين إذا ما أراد الشروع في مشروع اِستثماري في الجزائر. ليس ذلك فحسب، فقد نصت ذات الأحكام على ضرورة أن يكون للمستثمر الجزائري أغلبية 51% على الأقل من رأس مال المشروع بغية تمكينه من سلطة القرار داخل هيئات المؤسسة. أما إذا ما أراد المستثمر الأجنبي الخروج من المشروع هنا كذلك نصت ذات الأحكام على منح الشريك الوطني حق الشفعة الذي يمنحه الأفضلية في اقتناء رأس المال المتنازل عليه. من ناحية أخرى، نلاحظ بأن القانون رقم 01-04 المتعلِّق بتنظيم وتسيير المؤسسة العمومية الاقتصادية وكيفيات خصخصتها تضمن هو الآخر أحكاماً تمنح العديد من الامتيازات لفائدة العمال الأجراء، لتنضاف إلى تلك التي جاء بها قانون المالية التكميلي أعلاه. كما وأن قانون الصفقات العمومية الجزائري نص بدوره على العديد من الأحكام التي تمنح أفضلية للمؤسّسات الوطنية في مجال الحصول على الصفقات العمومية، حتى أنها تسمح لها في حالات معينة بالحصول عل الصفقة على الرغم من تقدم متعامل أجنبي بعرض أفضل، هذا ناهيك عن وجود أحكام أخرى تلزم المتعاملين الأجانب بالدخول في شراكة مع المتعاملين الجزائريين حال حصولهم على إحدى الصفقات. ويمكن القول بأن الامتيازات المذكورة أعلاه لفائدة المتعاملين الوطنيين والتي تقابلها بالضرورة قيود على الاستثمار الأجنبي فرضتها الوضعة المالية المريحة التي كانت تعيشها البلاد مطلع الألفية الجديدة، والناتجة عن اِرتفاع أسعار البترول. مثلما يمكن القول بأن هذه الامتيازات تنطوي على إخلال بمبدأ المنافسة ولا تشجع المستثمرين الأجانب على الدخول إلى السوق الجزائرية. ومؤخّراً، وبسبب الوضعية الاقتصادية الصعبة التي باتت تعيشها البلاد نتيجة تدهور أسعار المحروقات في السوق الدولية، بادرت حكومة تصريف الأعمال قبل إنهاء مهامها إلى اِعتماد أحكام جديدة في المادة 109 من قانون المالية لسنة 2020 ألغت بموجبها القيود التي سبق وفرضها قانون المالية التكميلي لسنة 2009، وحصرت تطبيقها فقط على المشاريع الاستراتيجية. غير أن الامتيازات التي قرّرها قانون الصفقات العمومية لفائدة المستثمرين الوطنيين على حساب المستثمرين الأجانب لا تزال سارية المفعول، ولاشك أنها تمس بمبدأ حرية المنافسة. وسنحاول في هذه الورقة البحثية –في حال قبولها- تسليط الضوء على مختلف الامتيازات التي جاء بها القانون الجزائري لفائدة المؤسسات الوطنية، لاسيما بعد التعديلات التي جاء بها قانون المالية لسنة 2020، كما سنحاول اقتراح الحلول التي نراها كفيلة بإصلاح مناخ الأعمال وكفالة مبدأ المنافسة، دون إغفال الحماية الواجب توفيرها لأداة الانتاج الوطنية.

الكلمات الدالة

استثمار، مؤسسات،وطنية، أجنبية، قيود