آليات التعاون الدولي لمواجهة جرائم الفساد في ظل أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004 دراسة تحليلية حول كيفية اثبات جرائم الفساد واستعادة المتحصلات الناتجة عنها

محمد حبحب

الجنائي - الحقوق - الجامعة اللبنانية

الملخص

تشكل جرائم الفساد في مختلف أنواعها تهديداً للمـصلحة العامـة بالبعـد الاقتصادي، بما تخلفه من ضرر على الاقتصاد القومي والموارد والثـروات، بحيث أنه يمكن في بعض الأحيان أن تودي بالدولة إلى شفير الإفلاس كما هو الحاصل في لبنان على سبيل المثال. علماً أن دولة الكويت أيضاً تعاني من هذه الآفة، فقد كشف مجلس الوزراء الكويتي عن استقبال هيئة مكافحة الفساد 320 بلاغاً خلال 15 يوما فقط عام 2019، للتحقيق في شبهات فساد تخص تعاملات وأعمال تصل قيمتها إلى 2.5 مليار دولار. هناك العديد من صور الجرائم التي تندرج تحت مسمى الفساد، منها ما هو مصنف قانوناً كإعتداء على الأموال العامة مثل الرشوة والإختلاس والتربح من المال العام، واستغلال النفوذ والسلطة، وأخرى مصنفة بالمعنى القانوني تحت إطار الجرائم الإقتصادية أو المالية. كغسل الأموال، والتهرب الضريبي أو الجمركي، وغيرها... لحظت التشريعات اللبنانية والكويتية الكثير من النصوص القانونية التي تجرم أفعال الفساد عبر تحديد عناصرها إما من خلال قانون العقوبات أو من خلال قوانين خاصة، أضف إلى أن المشرع الكويتي ذهب إلى أكثر من ذلك بإقراره القانون رقم 2 لسنة 2016 في شأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية. وعليه فإنه بالمبدأ ليس هناك أي إشكالية حول تجريم الأفعال غير المشروعة المرتبطة بالفساد، لكن الإشكاليات القانونية تكمن من جهة أولى في الصعوبات التي تواجه سلطات انفاذ القانون في الوصول إلى الأدلة المتعلقة بتلك الجرائم، خصوصاً أن مرتكبيها غالباً ما يستطيعون اخفاء أفعالهم بفضل استخدامهم وسائل احتيالية معينة، إن كان عن طريق انشاء الشركات الوهمية أو شركات الأوف شور مثلاً، أو من خلال وسائل تقنية أخرى والتي تطورت بفعل الثورة التكنولوجية كالمضاربة بالنقود الإفتراضية أو الرقمية، وتكمن من جهة أخرى في تهريب متحصلات هذه الجريمة إلى خارج الحدود، الأمر الذي يُستحال معه الكشف عن هذه المتحصلات دون المرور بالدولة التي استضافت هذه الأخيرة. وعليه تبرز أهمية هذا البحث في تسليط الضوء على نقطتين أساسيتين وهما: الطرق التي يستخدمها الفاسدون في ارتكاب جرائمهم وآليات التعاون الدولي في الكشف عن المتحصلات الناتجة عن جرائم الفساد وسبل اعادتها إلى مصدرها، لا سيما أن هذا الإجراء دونه عقبات كثيرة، تبدأ من ضرورة اثبات أن هذه المتحصلات ناتجة عن جريمة متعلقة بالفساد ولا تنتهي عند عقبة قوانين السرية المصرفية لدى بعض الدول التي تسمى " دول ذات الملاذ الآمن "، الأمر الذي يمنع الكشف عن الأموال المطالب باستعادتها. وسوف نستند في هذه الدراسة إلى الإتفاقية المتعلقة بمكافحة الفساد التي أعلنت عنها الأمم المتحدة في العام 2004 ، حيث لحظت العديد من الإشكاليات المتعلقة في هذا السياق، ولذلك سوف نستخدم في هذه الدراسة المنهج التحليلي للوقوف على مدى فاعلية الإتفاقية المذكورة أعلاه ومدى استناد الدول اليها في تحقيق أهداف التعاون الدولي للحد من جرائم الفساد والحفاظ على ثروات الدول من الضياع، مسلطين الضوء على التجربة اللبنانية والكويتية في هذا السياق

الكلمات الدالة

جرائم فساد- اتفاقية الامم المتحدة حول مكافحة الفساد - اثبات- استرجاع متحصلات- وسائل احتيالية