التنظيم القانوني للتدابير المماثلة آلية لتشجيع الاستثمار

نوارة حسين

قسم القانون الخاص - كلية الحقوق والعلوم السياسية - جامعة مولود معمري تيزي وزو- الجزائر

الملخص

إنّ التعارض الذي كان قائماً ما بين فكرة السيادة وممارستها، وبين التفتح على الاستثمارات الأجنبية باعتبارها عنصرًا فعالاً لتطور الدولة وتنمية اقتصادها، نتج عنه اعتبار أنّ إجراءات نزع الملكية واسترجاعها من أيدي المستثمرين الأجانب تدخل مباشرة في صميم السيادة. لذا استدعى اختيار مسار الاقتصاد الليبرالي واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية تنازلَ الدولة عن حقها في ممارسة سيادتها في استرجاع ممتلكاتها التي أصبحت ملكية للأجانب حماية لهم من جهة، وتشجيعًا لنفوذهم من جهة أخرى، خاصّة وقد أصبح قرار الاستثمار في أي دولة مضيفة كانت مرهونًا بقدر الحماية التي تتعهد بتوفيرها للمستثمر الأجنبي، بما في ذلك تلك التي تتعلق بحماية الملكية من الإجراءات التي تتخذها الدولة بهدف حرمان ملاكها منها بصفة نهائية ولدواعي الصالح العام. فحماية ملكية المستثمر الأجنبي كانت في الأصل تصدي للإجراءات التي تتخذها الدولة لحرمانه منها بالتأميم والمصادرة والتسخير والاستيلاء، ونزع الملكية الخاصّة للمنفعة العامة وهذا عموما، باعتبارها إجراءات منظّمة في كلّ من القانون الدولي والإتفاقي والداخلي، بحيث أقروا مجموعة من الوسائل والآليات لمنعها وردعها، على أساس أنها جزء هام من عناصر المناخ الملائم لاستقطاب الاستثمارات الأجنبيّة، وأنّ المستثمر الأجنبي سيحسّ بالأمان والحرية في ممارسة نشاطه الاستثماري باستبعاد التعرض لمثل هذه الإجراءات الخطيرة. لكن تغيرت الوضعية في الوقت الحالي، حيث لم تعد المخاطر التقليدية المهددة لحق الملكية الخاصّة بالمستثمر الأجنبي مخاطر حقيقية أو مخيفة - كما كانت في السابق- ففي العالم المعاصر الذي شهد تحولا جذريًا في الفلسفة السياسية الاقتصادية والاستثمارية، وبسبب ظهورَ أنماط جديدة وعديدة من الإجراءات الماسة بالملكية بطريقة غير مباشرة، تمس بحقّ المستثمر الأجنبي في استغلال ملكية استثماره ولو بصفة مؤقتة، وتنشأ عموما من تدخل الدولة في النشاط الاستثماري، باعتبار أنّ التدخل الحكومي أحد ابرز محددات البيئة الأجنبية، التي تضطر مؤسسات الاستثمار الأجنبي المباشر التعامل معها تعاملاً خاصًا، للحدّ من تأثيرها في توجيهها بعيدًا عن تحقيق أهدافها، خاصّة عندما تكون إجراءات التدخل تمس بحقوق المستثمر الأجنبي بطريقة غير مباشرة، أو على مدى معين من الزمن وتكيف على أنها تدريجية أو مقنعة. وعليه، تعتبر التدابير المماثلة من المعيقات الحقيقية التي يتخوف منها المستثمر الأجنبي والتي أصبحت الدول المضيفة للاستثمار مُطالبة بتنظيمها والامتناع عنها، لأن تكريس الضمانات البنكية والمالية والجمركية والضريبية والتسهيلات الإدارية والإجرائية في الوقت الحالي وحدها ليست عاملا ضامنا لتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الدول العربية، فمستويات الاستثمار لا تزال ضعيفة، والخلفية راجعة للتدابير المماثلة التي تؤثر على حقوق المستثمر الأجنبي، والتي أصبحت في الوقت الحالي مهدّد حقيقي في نظر المستثمر الأجنبي، وإن كانت كل الاتفاقيات الدولية الثنائية المتعلقة بتشجيع وحماية الاستثمارات الأجنبية قد تطرقت لها بالتنظيم والحماية، لكن القوانين الوطنية تبقى متجنبة لذلك إلى حدّ بعيد. في هذا السياق، سوف نسلط الضوء في هذه الورقة البحثية على التدابير المماثلة التي أصبحت من أهم مخاوف المستثمر الأجنبي، وأبعاد تأثيرها على تدفق الاستثمارات الأجنبية.

الكلمات الدالة

الاستثمار الأجنبي، الاقتصاد، التنمية، ملكية الأجانب، الاتفاقيات الدولية