الإستثمار الأجنبي في المحروقات بين تحديات التنمية الإقتصادية و الإطار القانوني في الجزائر

أستاذ دكتور فتحي زراري

الحقوق - الحقوق و العلوم السياسية - جامعة محمد الشريف مساعدية، الجزائر

الملخص

تنص المادة 43 من الدستور الجزائري المدرجة من خلال التعديل الدستوري لعام 2016، في باب الحقوق و الحريات، المتعلقة بحرية الإستثمار و التجارة على أن: "حرّيّة الاستثمار والتجارة معترف بها وتمارَس في إطار القانون. تعـمل الدولة على تحسين مناخ الأعمـال وتشجع على ازدهار المؤسسات دون تميـيز، خدمة للـتنمية الاقتصادية الوطنية. تكفل الدولة ضبط السوق. ويحمي القانون حقوق المستهلك. يمنع القانون الاحتكار والمنافسة غير النزيهة." على المستوى الدولي، نلاحظ تخطي العمليات الاقتصادية للحدود الوطنية، خاصة في عصرنا المعاصر، لاسيما ما تعلق بالنشاط الإستثماري، هذا من جهة، كما أن سيادة الدولة لم يعد مفهومها ينطوي على إحتكار إنتاج القواعد القانونية، لأن أعمال التفاوض أصبحت لها أهمية لا تقل عن فكرة السيادة في ظل الحاجة الماسة لقانون استثمار عالمي و لقانون منافسة عالمي من أجل جمع شتات أعمال التفاوض المبعثرة. إن التباين الواضح بين متطلبات النمو الاقتصادي الوطني و النظام القانوني الداخلي المفترض أن يضبطه، لاسيما في مجال الإستثمار في المحروقات، يثير تساؤل حول الإستراتيجية الجزائرية، كدولة منتجة و مصدرة للمحروقات، لرأب هذا الصدع. نظرا لضرورة مواءمة القانون الوطني مع ضرورات التنمية المستدامة في الجانب الاقتصادي في الجزائر، خاصة بعد الحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر منذ 22 فبراير 2019 و الذي من أهدافه إستنكار الفساد الذي عبث بالمال العام طيلة عدة سنوات، تحاول هذه الورقة، تقديم معالم الرؤية الجزائرية الجديدة بخصوص ملء الفجوة بين تكامل العمليات الاقتصادية على المستوى العالمي و النظام القانوني للاستثمار في أحد المجالات الحيوية و هو المحروقات، و ذلك في ظل الإطار الدستوري الناظم لحرية الإستثمار، لاسيما المادة 43 سالفة الذكر، و في إطار النية السياسية في تشجيع الإستثمار الداخلي و الخارجي التي عبر عنها رئيس الجمهورية الجديد، المنتخب يوم 12 ديسمبر 2019، منذ أول خطاب له، و كذلك في إطار السياق العالمي للإستثمار في مجال المحروقات. لقد كانت هناك عدة دراسات وطنية و دولة تناولت الإستثمار في مجال المحروقات سواء من طرف قانونيين أو متخصصين في مجال إقتصاد المحروقات، لكن في ظل المبدأ الدستوري الذي أقرته المادة 43، سالفة الذكر و تعديل قانون المحروقات، الصادر بالجريدة الرسمية رقم 79 لشهر ديسمبر 2019، و تغير الظروف السياسية للبلاد بعد الحراك الشعبي، أتيح هامش لإعادة النظر في الموضوع. تنطلق هذه الورقة من وجود حقوق الملكية الحصرية والقابلة للنقل و التي لها قيمة دستورية و التي تشكل حجر الزاوية في النظام الليبرالي الذي تتأسى به الجزائر حاليا (المبحث الأول). هذه الحقوق نتناولها في سياق نظام لا مركزي للأسواق، تحركه المنافسة بين الشركات و طرق مختلفة لإدارة الثروات الخاصة، على المستوى العالمي، انعكس على قانون المحروقات الجديد الذي أدرج مراجعة للإطار التعاقدي و الجبائي و المؤسساتي (المبحث الثاني).

الكلمات الدالة

"الإستثمار الأجنبي"، "المحروقات"، "السوق العالمية"، "التنمية المستدامة الإقتصادية في الجزائر"، "الإطار القانوني