المحاكم الاقتصادية

محمد الخطيب

القانون الخاص - الحقوق - عين شمس

الملخص

إن تحقيق العدالة هو أساس نجاح كل نظام وكل دولة لأنه بواسطة إنجازه تستقرّ الحقوق والحياة الاقتصادية ويطمئن أفراد المجتمع إلى سير حياتهم ويؤمن مسيرة النهضة والتطوّر لكل مجتمع؛ فالقضاء هو عنوان نهضة كل دولة، ومعيار تقدّمها ومظهر رقيها ولذلك فان من أهم أسس إرساء العدالة, وضمان قضاءٍ ينبض بالحداثة والتطور, ويبثُ روح الطمأنينة في نفوس المتقاضين, سلامة بِنائه, وتنظيم محاكمه، ومدها بالعناصر المادية والبشرية وضمان استقلال قضاته, ولا يتأتى ذلك إلا من خلال كفاءة وقدرة القاضي على التعامل مع ما يُعرض عليه من أقضية , ومن ثم فإن عنصري الكفاءة والعدل هما ركيزتا وعماد المؤسسة القضائية, ولا يستقيم العدل بوجود إحداهما دون الأخرى, ومن أجل ذلك نشأت فكرة تخصص القاضي سواء على المستوى الضيق من خلال الدوائر المتخصصة في المحكمة الواحدة, أو من خلال إنشاء محاكم ذات تخصص نوعي او شخصي لإعداد قضاة يتمتعون بالمهنية والحرفية, بعد أن تم اختيارهم سلوكياً وأخلاقياً . وكان لكثرة وتنوع وتطور الأنشطة الاقتصادية, وما أفرزه التقدم العلمي والتقني، أن نتج عن ذلك تنوع للمنازعات والدعاوى على مختلف مسمياتها, وما يستتبعه ذلك من كثرة وتنوع وتشعب القوانين المعالجة لها مما يستلزم إعداد القضاة على الإلمام بوقائعها وما يتفرع عنها من خفايا قد لا يتمكن غير المتخصص من كشفها, ومن هنا كانت الحاجة – ليس فقط - إلى إعداد القاضي المتخصص بل الى محاكم متخصصة , تستأثر بالدعاوى والمنازعات ذات الطبيعة المتجانسة والتي يتطلب الفصل فيها الإلمام بكنه وطبيعة تلك الدعاوى أو خصومها وتمثل المحاكم الاقتصادية إحدى الآليات المستحدثة – في النظم القضائية المقارنة - وتعتمد هذه المحاكم على فض المنازعات والخلافات الاقتصادية من خلال الآليات المختلفة الغير تقليدية مثل الصلح والوساطة القضائية، فضلا عن ما تتميز به من تبسيط في الاجراءات . ويعد الهدف الأساسي من إنشاءها هو الرغبة في إرساء قضاء متخصص وسريع يتولى النظر في المنازعات ذات العلاقة بالنشاط الاقتصادي والاستثمار، اذ أن عدم فعالية المؤسسة القضائية – بدولة ما - في حل المشكلات الاقتصادية يؤثر على سمعة البلد الاقتصادية ويؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية نظرا لبطء إجراءات التقاضي وتعقيدها أو لعدم وجود متخصصين للعمل بها على داريه كافية بطبيعة المشكلات الاقتصادية، وبالتالي فالخلل في آلية التقاضي الحكومية - في بلد ما - يصاحبه بالضرورة تخوف المستثمرين وإحجامهم عن المغامرة بمشروعات في بلد ليست لديها القدرة على التعامل مع المنازعات الاقتصادية المتشعبة والمعقدة التي أفرزتها متغيرات التجارة الدولية، وما ترتب عليه من ظهور أشكال جديدة للتجارة لم تكن موجودة من قبل لا تقف عند حدود دولة معينة، ولا يستطيع حلها إلا قضاء متخصص على درجة عالية من الكفاءة

الكلمات الدالة

"العدالة " " قضاء متخصص " " محاكم متخصصة " " محاكم اقتصادية " " منازعات اقتصادية "