مكافحة جريمة غسل الأموال ودوره في تحفيز الاستثمار

1 محمد المنشاوي

القانون - كلية الدراسات العليا - كليات الشرق العربي للدراسات العليا

الملخص

الملخص   اتسع حجم جرائم غسل الأموال في العالم باتساع وتنوع النشاط الإجرامي، بما يشكل خطرًا جسيمًا على الاستقرار الاقتصادي ، وبخاصة في الدول التي لديها نقص في أليات مكافحتها. فالجانب الاقتصادي لهذه الجريمة له خطورته على الاقتصاد سواء بشكل مباشر أو عن طريق المخاطر الممتدة التأثير على أنشطته والتي أوجدت معها مجالا لممارسات اقتصادية لها تأثير بشكل غير مباشر على الجانب الاقتصادي، مما يؤثر بشكل كبير على جذب الاستثمارات، بل ويذيد من فرص سحبها من الدول، نظرا لعدم الاستقرار في البورصات وزيادة الأعباء الضريبية، وضعف القوة الشرائية للعملات الوطنية، واضطراب الأسعار، وزعزعة الثقة بقيمة العملة الوطنية محلياً وإقليمياً، والمضاربة على العملات الأجنبية، وظهور السوق السوداء لصرف العملة . بالإضافة إلى استخدام الأموال المغسولة في تنفيذ صفقات استثمارية غير منتجة . الأمر الذي دفع المجتمع الدولي والمراكز المالية الكبرى والمنظمات الدولية إلى البحث عن تطوير سبل مكافحة هذه الجريمة، فعقدت المؤتمرات الدولية، وأبرمت العديد من الاتفاقيات على المستوى الدولي والإقليمي (كاتفاقية (فيينا 1988م) واتفاقية (باليرمو 2000م) واتفاقية مكافحة الفساد (2003 م) وتضمنت هذه الاتفاقيات توجيهات للدول بضرورة إعادة النظر في تشريعاتها الوطنية لمواكبة التطورات التكنولوجية لمواجهة هذه الجريمة.   وتعرف جريمة غسل الأموال بأنها " العمليات التي يتم بمقتضاها إيجاد أي سبيلٍ لإخفاء مصدر الأموال المحصَّلة من أعمال غير مشروعة ويجرمها القانون، ومحاولة إضفاء طابع المشروعية على تلك الأموال واستخدامها فيما يطلق عليه الاقتصاد الرسمي أو الظاهر ". وفي هذا الإطار تعد جريمة غسل الأموال، جريمة دولية منظمة، يقوم بمقتضاها أحد الأشخاص بإجراء سلسلة من العمليات المالية المتلاحقة على أموال غير مشروعة تنتج عن أنشطة غير مشروعة، يعاقب عليها القانون. وغالبا يستعين مرتكبي هذه الجريمة بوسطاء كواجهة للتعامل، مستغلين مناخ الفساد الإداري وسرية حسابات البنوك؛ بهدف تأمين حصيلة الأموال غير المشروعة من الملاحقة الرقابية. ويمكن القول بأن جريمة غسل الأموال ذات بُعد دولي. استمدت مصادرها من خلال أنشطة غير مشروعة كالاتجار بالمخدرات والرقيق والإرهاب والرشوة وتهريب السلاح، والفساد الإداري وغيرها من المصادر، يعمل أصحابها بطرق غير قانونية ومتعددة ومعقدة على غسلها وإبعاد كافة الشكوك عنها لتبدو وكأنها أموالا مشروعة المصدر، ثم تدخل في الدورة الاقتصادية في شكل مشاريع استثمارية هدفها قطع الصلة مع المصدر الحقيقي لها، دون اعتبار لما تخلفه من أثار اقتصادية وغير اقتصادية . وهذه الجريمة ذات طبيعة خاصة، حيث إنها مركبة ومعقدة في جوانبها الخاصة؛ فهي جريمة تقوم وتنشأ على صناعة واقع مزيف واصطناعي، يبدو وكأنه حقيقي، أي خلق وإيجاد واقع علني كاذب، يبدو قانونيا وشريفا، تتوارى خلفه جرائم وتصرفات خفية غير مشروعة. وقد ساعد التطور التقني في مجال الاتصالات، على انتشار هذه الجريمة، حيث باتت العمليات تجرى بسرعة هائلة، وأصبح بالإمكان إبرام الصفقات التجارية مع تجاهل الهوية، إضافة إلى انغماس عدد من شركات الخبرة القانونية والمحاسبة، والمعلوماتية في تقديم خبراتها لتسهيل عمليات غسل الأموال بأساليب تحول دون المساءلة القانونية، الأمر الذي يدعو إلى البحث عن أليات جديدة ومتطورة والمزيد من سبل التعاون، لمكافحة هذه الجريمة. وعليه سوف نتناول هذا البحث من خلال بحثين: نتناول في المبحث الأول، المخاطر الاقتصادية لجريمة غسل الأموال وأثرها على تحفيز الاستثمار. ثم نتناول في المبحث الثاني، منهج التشريعات المقارنة في تجريم عمليات غسل الأموال.  

الكلمات الدالة

" غسل الأموال " " الاستثمار " " المكافحة " " جريمة " " الاقتصاد " " غير مشروعة " " التعاون الدولي" " المخاطر "