قوانين الإفلاس بين حماية الائتمان وبوصلة انقاذ المؤسسات المتعثرة وتحفيز الاستثمار، دراسة مقارنة

3 فؤاد شياب

قسم القانون الخاص - كلية الحقوق - جامعة طيبة

الملخص

تلعب قوانين الإفلاس دوراً رائداً في التنمية وتحفيز الاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية محلياً ودولياً، وهو ما يؤكده قرار منشور في هذا الشأن للبرلمان الأوروبي عام 2011. ولا عجب أن تتجه القوانين الحديثة إلى رفع كفاءة مؤسسات القطاع الخاص ودعمها حفاظاً عليها. وعموماً فإن أغلب المؤسسات التي تتعرض للإفلاس هي تلك المنشأة حديثاً، ولا يتصور عقلاً أن يصب المشرع جهوداً مضنية حثاً على خوض غمار التجارة والاستثمار، بما يوفره من أشكال متنوعة من الشركات والمؤسسات الفردية وبما يؤمله من مزايا المسؤولية المحدودة، بينما لا يعبئ بالحفاظ عليها كوحدات انتاجية فاعلة في تداول الأموال وفي درء خطر البطالة. وسابقاً كان ينظر إلى المفلس على أنه خطر على الائتمان (faillites en cascades)، حالياً، ولا مشاحة في العبارة، يمارس المشرع دوراً أشبه بالطبيب الحاذق، وقايةً تشخيصاً وعلاجاً. من جهته، يحاط الإفلاس بإجراءات معقدة خضعت لتطور تشريعي يتمثل في إيجاد آليات لتمويل المشروعات المنتجة، وتعزير الاهتمام بالصحة المالية لكافة الفاعلين في النشاط الاستثماري، تجاراً وغيرهم، وتطوير الاحترافية والتخصص لدى القائمين على إجراءات الإفلاس. ولذا يركز البحث على أهم وسائل تحفيز الاستثمار ضمن منهج تحليلي مقارن (القانون الفرنسي، الأمريكي السعودي البحريني الكويتي والإماراتي). وتنبع أهميته ليس في تسليط الضوء على النواحي التقنية والإجرائية، بل محاولة متواضعة لإصدار حكم قيمي (Jugement de valeur) حول مدى فعالية قوانين الإفلاس في الحفاظ على المؤسسات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار. المبحث الأول: تحفيز الاستثمار وإجراءات الوقاية من التعثر يتناول هذا المبحث الوسائل الوقائية التي تحول دون تعثر المؤسسات الاقتصادية في القانون الفرنسي، سواء الودية أو المقدمة من السلطات الإدارية، وهو مجال، على ما يبدو، يحتاج الى مزيد من الاهتمام في القوانين العربية. المبحث الثاني: تحفيز الاستثمار ونظرية فصل مصير المؤسسة الاقتصادية عن مالكها يتناول هذا المبحث نظرية إعادة الهيكلة، التي لا تهدف بالدرجة الأولى إلى سداد الديون وإنما إنقاذ المؤسسة المتعثرة (Rescue of distressed enterprise). وتتميز هذه العملية بفصل مصير المؤسسة عن مصير مديرها، فليس بالضرورة أن يكون واحداً، وهو ما يتقرر بعد تحليل الوضع المالي للمؤسسة وطريقة إدارتها، وقد يتم انقاذها بينما يسأل مديرها مدنياً وجزائياً. وعلى وجه الخصوص، يلقى هذا المبحث الضوء على تقهقر الطابع الجنائي لقوانين الإفلاس مع إبقاء العقوبات اللازمة للحفاظ على الاستثمار والائتمان والمؤسسة الاقتصادية. المبحث الثالث: تحفيز الاستثمار ونظرية تجديد نشاط المفلس يتناول هذا المبحث محتوى الفصل السابع من تقنين الإفلاس الأمريكي ثم تطورات القوانين الفرنسية والتي تبنت منذ 2014 إعادة تأهيل المدين بدون تصفية (Rétablissement professionnel du débiteur)، أي شطب ديون المفلس، وتبريره، فضلاً عن اعتبارات إنسانية تحول دون إقصاء المدين اجتماعياً، في الحد من الركود الاقتصادي الذي لم يعد حالة عابرة مما يقتضي تشجيع المفلس على أن يبدأ من جديد مشروعاً آخر متسلحاً بالمكتسب الإيجابي (خبراته السابقة) لا مثقلاً بالمكتسب السلبي (ديونه السابقة). وتتناول المقارنة بعض القوانين، كالمصري والسعودي حيث التمسك بموقف تقليدي، وتلك التي تتبنى ولو جزئياً نظرية تجديد المحاولة: كالبحريني ( م. 150/افلاس) والكويتي ( أنظر، مشروعات قانون الإفلاس الكويتي لعام 2019م والتي قد تجيز الاعفاء من الديون بالنسبة للتفليسة الصغيرة والمتوسطة).

الكلمات الدالة

المؤسسة المتعثرة، وسائل الوقاية من تعثر المؤسسة، تجديد النشاط الاقتصادي للمفلس، المسؤولية المدنية والجنائية لمدير المؤسسة