اعتبار اعتراض الخارج عن الخصومة حالة من حالات التماس إعادة النظر أم تدخّل في الدعوى بعد صدور الحكم

محمد الهديب

قانون المرافعانت - كلية القانون الكويتية العالمية - كلية القانون الكويتية العالمية

الملخص

انتهى فقه المرافعات الحديث إلى إمكانية تطور نطاق الخصومة من حيث الأشخاص لأنها مركز قانوني متطور يتمتع بالثبات النسبي، فتتميز الخصومة بالمرونة حيث يجوز تدخّل شخص من الغير فيها وفق ما نصت عليه المادة 87 من قانون المرافعات الكويتي، من أنه "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها" . وأما الطعن بالتماس إعادة النظر فهو طريق طعن غير عادي يلتمس به الخصوم إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية لخطأ في الواقع يقدم لذات المحكمة حيث يطلب منها الرجوع عن الحكم الذي أصدرته والحائز لحجية الشيء المحكوم فيه بسبب غلط غير مقصود في إرادة المحكمة وقعت فيه بسبب يرجع إلى أحد الخصوم الذي أدخل غشاً أو تزويراً على المحكمة في الوقائع ترتب عليها عدم صحة الحكم الذي أصدرته؛ لكي تعيد فحصه من حيث الواقع والقانون، وتصدر حكماً جديداً بناء على الواقع الصحيح بعد إلغاء الحكم السابق وزوال الآثار التي تترتب عليه . ولقد نظم قانون المرافعات الكويتي الطعن بالتماس اعادة النظر في الباب التاسع منه والمخصص للطعون بأنواع، وكان الفصل الثالث منه خاصاً بالطعن بالتماس إعادة النظر، وخصص له المواد (148-151). ومن جهة أخرى فإن اعتراض الخارج عن الخصومة وسيلة طعن تستهدف إصلاح حكم لصالح الغير الذي يضار من فاعلية هذا الحكم ولم يكن قد اشترك في الخصومة بأي درجة من درجاتها، ويكون بناء على طلب يقدمه المعترض يهدف لإعادة طرح الادعاءات التي حُكم فيها، وإلغاء قضاء الحكم بشأنها، ليعاد فحصها من جديد من حيث الواقع والقانون . ولقد نظم قانون المرافعات الكويتي اعتراض الخارج عن الخصومة في الباب العاشر منه، وتناولته بالتفصيل المواد (158-162)، وقد جاء ذكر هذا الباب لاحقاً للباب التاسع المعني بطرق الطعن في الأحكام، والذي يحتوي على طرق الطعن العادية كالطعن بالاستئناف وطرق الطعن غير العادية كالتماس إعادة النظر، الأمر الذي يعكس توجّه المشرع بإفراد اعتراض الخارج عن الخصومة في باب مستقل عن الباب الذي تناول فيه طرق الطعن بما يلمح إلى طبيعته التي تختلف عن سابقاتها تتعلق بعدم كونه طعناً على الحكم بل هو من قبيل التدخل في الخصومة بعد صدور الحكم فيها، وهو الاتجاه الذي سارت عليه محكمة التمييز الكويتية في أحكامها، ويتمسك أنصار هذا التوجه (عدم اعتبار اعتراض الخارج عن الخصومة طعنا على الحكم وإنما تدخلاً فيه) بعدم اختصام المعترض الخارج عن الخصومة في الدعوى الأصلية محل الاعتراض بينما يعد تمثيل الطاعن في الدعاوى محل الطعن (العادي وغير العادي) شرطاً لقبول طعنه، بما مؤداه أن ثمة طبيعة مختلفة للاعتراض تختلف عن طبيعة الطعن، غيرها من الأسباب التي سنتاولها بالسبر والبيان في هذا البحث. وفي سياق متصل نجد بأن قانون المرافعات المصري الجديد لم يتجه إلى هذا التفريق الذي تقدم في فصل اعتراض الخارج عن الخصومة عن الطعن في الأحكام، فاكتفى بإضافة حالة الاعتراض إلى حالات التماس إعادة النظر، وعليه فإنه يعتبر اعتراض الخارج عن الخصومة طريقاً من طرق الطعن غير العادية على الأحكام أسوة ببقية حالات التماس إعادة النظر . وسنعرض في هذا البحث امكانية اعتبار اعتراض الخارج عن الخصومة ليس طعناً في الحكم ولكنه تدخل في الخصومة وتطور لها من حيث الأشخاص، بيد أنه يختلف عن التدخل في الخصومة بكونه لاحقاً على صدور الحكم فيها وبيان الآثار المترتبة على هذا الاعتبار، وهو المسلك الذي نستشفه من قانون المرافعات الكويتي ومذكرته الإيضاحية وانتهجته محكمة التمييز الكويتية، ووجهة النظر الأخرى بأن اعتراض الخارج عن الخصومة لا يعدو أن يكون حالة من حالات التماس إعادة النظر بمعنى أنه طريق من طرق الطعن غير العادية، وبيان الآثار المترتبة على هذا الاعتبار، وهو المسلك الذي انتهجه قانون المرافعات المصري الجديد.

الكلمات الدالة

-